الأكياس البلاستيكية خطر كامن بين أيدينا أصبحت جزءاً مهماً من حياتنا اليومية

[احمد الشريف]

أصبحت جزءاً مهماً من حياتنا اليومية..
الأكياس البلاستيكية خطر كامن بين أيدينا

كلنا يعرف تلك الأكياس، ونراها واحدة من المميزات الجميلة التي قدمتها لنا التكنولوجيا لتسهيل حياتنا، فهي باتت جزءاً من حياتنا، بداية من مطبخ المنزل الذي لا يمكن تصوره دونها، ونهاية بعملية التسوق التي لا تكتمل دون أن نعود وفي أيدينا عدة أكياس بلاستيكية محملة بالمشتريات الغذائية، لكن من يدري أنه يحمل في يديه خطراً كامناً يدمره ويدمر عناصر الكائنات الحية حولنا؟ بالتأكيد قليلون، ولهذا فإننا من خلال هذه الإلمامة المبتسرة سنوضح أخطار مادة البلاستيك على البيئة، لأن البلاستيك من أكثر المواد استخداماً في كل مجالات الحياة الصناعية والاستهلاكية والغذائية في عصرنا الحاضر، فهي تدخل في مواد تغليف الأغذية والحفظ والحلويات والأكياس البلاستيكية، ورغم المميزات المختلفة التي لها، كرخص ثمنها وخفة وزنها وقابليتها للتشكيل لتتلاءم وأغراض استعمالها ومقاومتها للحرارة والتآكل بفعل الأحماض والقلويات والمذيبات، إلا أن معظم مخلفاتها، ولاسيما الناجمة عن الأكياس البلاستيكية المستعملة، لا يمكن التخلص منها بسهولة، الأمر الذي يجعلها عبئاً كبيراً على البيئة وخطراً يهدد حياة الإنسان والكائنات الحية الأخرى التي تعيش فيها.

وأكدت دراسة حديثة صدرت مؤخراً عن منظمة الصحة العالمية أن متوسط استهلاك الفرد من الأكياس البلاستيكية المستخدمة للأغراض المختلفة يقدر بنحو 2,4 كيلوغرامات سنوياً، أو نحو 12 غراماً يومياً، ويضاف إلى ذلك كميات أكياس البلاستيك التي تستخدم لجمع النفايات والتخلص منها، وقد يقل أو يزيد المتوسط من مدينة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر، وذلك حسب القوة الشرائية والموقع الجغرافي والمركز التجاري. وتشير الدراسة التي أجريت في عدد من دول العالم على مادة البولي إثيلين، التي تدخل في صناعة البلاستيك، ولاسيما من النوع العالي الكثافة، إلى عدم تأثر هذه المادة أو عدم تحللها بفعل العوامل الطبيعية سواء البيولوجية كالبكتريا والفطريات والخمائر، أم البيئية كالحرارة والرطوبة والضوء أو أشعة الشمس والأكسجين والمواد الكيميائية وغيرها، ويعزى عدم تأثر هذه المادة أو مقاومتها للتحلل بفعل هذه العوامل، وخاصة البيولوجية منها، إلى عدة عوامل أو أسباب، ومن أهمها كبر حجم جزيئات هذه المادة مقارنة بحجم البكتريا والأنزيمات التي تفرزها، وعدم قابلية هذه المادة أو جزء منها للذوبان في الماء.

وقد شهدت مشكلة النفايات وعملية التخلص منها في السنوات الأخيرة اهتماماً كبيراً على كل المستويات الدولية، غير أن هذا الاهتمام تركز أكثر فأكثر على المخلفات التي تشكل مكوناتها حجماً كبيراً، كالمخلفات العضوية والزجاجية والبلاستيكية والمعدنية وغيرها، وكذلك على النفايات الخطرة والنفايات الطبية، في حين لم تحظَ نفايات أو مخلفات الأكياس البلاستيكية المستعملة بالاهتمام ذاته أو باهتمام محدود، ونظراً إلى كون غالبية مخلفات الأكياس البلاستيكية غير قابلة للتحلل بسهولة أو بسرعة، مقارنة بالمخلفات والنفايات الأخرى، ولاسيما العضوية منها، فإن الاستمرار في حالة عدم الاكتراث بهذه الأكياس وتراكمها بكميات كبيرة عاماً بعد عام في البيئة، سيؤدي إن عاجلاً أم أجلاً إلى أضرار ومخاطر بيئية وصحية عديدة.

ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تلوث البيئة خاصة في مواقع ردم النفايات، إذ إن الأكياس البلاستيكية، وخاصة التي تصنع من مادة البولي إثيلين العالية الكثافة، غير قابلة للتحلل بفعل العوامل الطبيعية البيولوجية وغير البيولوجية، وردمها بكميات كبيرة مع النفايات الأخرى في التربة قد يؤدي إلى تدهور نوعية هذه التربة وعدم إمكان استغلالها والاستفادة منها للأغراض الزراعية أو لأعمال البناء أو غيرها من الاستعمالات.

وتشير الدراسة إلى أن زيادة البلاستيك في التربة، في مواقع ردم النفايات، عن 5% يجعل هذه التربة غير صالحة للبناء وإقامة أية منشأة فوقها، كما أن بعض المواد الكيميائية الخطرة التي تدخل في تصنيع حبيبات البولي إثيلين، والتي يزيد عددها عن 20 مادة، كالمواد الملينة والمواد الملونة والمانعة للأكسدة وغيرها، قد تتحلل، وتتسرب إلى التربة أو المياه الجوفية، وتؤدي إلى تلوثها، كما تؤدي إلى الإضرار بالثروة الحيوانية، إذ إن تطاير الأكياس البلاستيكية وانتشارها في المراعي والمناطق الريفية والبرية يؤدي إلى نفوق الكثير من الحيوانات كالأبقار والأغنام والماعز والحيوانات البرية أو التأثير على إنتاجيتها، فقد وجد أن هذه الأكياس أو أجزاء منها تؤدي إلى انسداد القناة الهضمية أو الجهاز التنفسي، وخاصة الرئتين والقصبات الهوائية في الحيوانات التي تبتلعها، وتكون النتيجة نفوق هذه الحيوانات أو مرضها أو فقدها للشهية، وبالتالي انخفاض إنتاجها سواء من اللحوم أم الحليب.

ولا يتوقف الضرر عند الحيوانات العادية، وإنما يمتد إلى الحيوانات البحرية، مع وصول جزء من الأكياس البلاستيكية وغيرها من المخلفات البلاستيكية إلى البحار والمحيطات، سواء من مواقع التخلص من النفايات القريبة إليها، أم من خلال طرح النفايات أو القمامة في البحر من السفن العابرة ومن سفن الصيد وغيرها، وتحدد الدراسة أن نحو 4,6 ملايين طن متري من نفايات السفن تفرغ سنوياً في بحار العالم، وأن أكثر من خمسة ملايين من الأكياس والأوعية البلاستيكية تلقى يومياً في هذه الأوعية، كما أن نشاط الصيد يضيف نحو 150 ألف طن إلى البحر من الأكياس ومواد التغليف، وتشير مراجع الدراسة إلى أن الحيوانات البحرية قد تبتلع هذه الأكياس والمخلفات البلاستيكية، أو تتعرقل بسببها حركتها، فتموت، وقد قدر عدد الحيوانات البحرية التي تموت سنوياً بسبب هذه النفايات بنحو مليون طائر بحري ونحو مئة ألف من الحيتان والفقمة.

ومن المشكلات التي تسببها أكياس البلاستيك أيضاً تلوث الهواء بالغازات والأبخرة السامة، إذ غالباً ما يصاحب عملية إنتاج المواد الأولية المستخدمة في صناعة الأكياس وغيرها من المنتجات البلاستيكية، وكذلك عمليات حرق هذه المواد في محارق النفايات، انبعاث العديد من الغازات والأبخرة السامة والضارة بصحة الإنسان، مثل الفورمالدهيد والبنزالدهيد والميثانول وسيانيد الهيدروجين والأمونيا وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين وبعض المركبات الهيدروكربونية الطيارة وغيرها، فتتسبب في حدوث اضطرابات وأمراض مختلفة للإنسان، كالحساسية وأمراض الجهاز التنفسي والجهاز العصبي والجهاز الهضمي وأمراض القلب والكبد والكلى وغيرها من الأمراض، هذا إضافة إلى تسببها في حدوث الكثير من حالات التسمم، التي قد ينتهي معظمها إلى الوفاة، وهناك أضرار أخرى مثل هدر الموارد الطبيعية واستنزافها وتشويه المنظر العام للمدينة والوسط المحيط.

وتوضح الدراسة سبل تلافي الأضرار والمخاطر الناجمة عن الأكياس، فتقول الدراسة أنه رغم الأضرار البيئية والصحية التي قد تحدثها الأكياس، ولاسيما الأنواع غير القابلة للتحلل، فإنه من غير الممكن من الناحية العلمية الاستغناء عنها كلياً، لكن يمكن الحد من استعمال هذه الأكياس، وكذلك فرض بعض القيود على صناعة المواد البلاستيكية غير القابلة للتحلل، ويمكن استعمال بدائل قابلة للتحلل. وقد بذلت في السنوات الأخيرة جهود مكثفة لتطوير بدائل قابلة للتحلل وإنتاجها، بعضها بلاستيكي والبعض الأخر غير بلاستيكي (عضوي) لتحل محل الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل أو المواد المستخدمة في صناعتها، وأهمها البدائل غير البلاستيكية، ومنها الأكياس الورقية، وتنتج هذه الأكياس غالباً من مخلفات عضوية أعيد تدويرها كالورق والكرتون والخشب وأوراق الأشجار وغيرها، وتمتاز الأكياس الورقية بالمقارنة مع الأكياس البلاستيكية بسرعة تحللها في الطبيعة، ولاسيما في مرادم النفايات، وتشير الدلائل إلى أن استعمال هذا النوع من الأكياس آخذ في الازدياد في أنحاء متفرقة من العالم، ولاسيما في البلدان المتقدمة.

من الطرق الشائعة للتخلص من الأكياس البلاستيكية المستعملة ردمها مع بقية النفايات المنزلية وغيرها بطريقة الطمر الصحي في التربة، ونظراً لما تشكله هذه الطرق من آثار ضارة بالبيئة والصحة العامة، فقد استحدثت في السنوات الأخيرة بعض الطرق للاستفادة من مخلفات الأكياس البلاستيكية، وكذلك إعادة التدوير التي تـُعدُّ إحدى الطرق المتبعة للتخلص من النفايات بصفة عامة، لأن النفايات مواد أولية يمكن استرداد بعض محتوياتها وتحويلها إلى منتجات ذات عائد اقتصادي وبيئي. وقد استحدثت في السنوات الأخيرة عدة تقنيات لإعادة تدوير العديد من مكونات النفايات، كالمواد العضوية بتحويلها إلى أسمدة، والزجاج والمواد البلاستيكية ذات الحجم الكبير وبعض المعادن وغيرها، ويمكن الاستفادة من هذه التقنيات في إعادة تدوير الأكياس البلاستيكية المستعملة، غير أن نجاح هذه العملية يتوقف على عدة عوامل أهمها الجدوى الاقتصادية لهذه العملية، ومدى تعاون أفراد المجتمع مع البلديات والجهات الأخرى المعنية بعزل الأكياس البلاستيكية المستعملة وتجميعها وجلبها إلى مواقع تجميع النفايات وفرزها لإعادة تدويرها، هذا إضافة إلى أن المنتجات الناجمة عن إعادة التدوير غالباً ما تكون أقل جودة من المنتجات الأصلية.

وأخيراً، لا يمكن نجاح هذه الجهود أو تلك إذا لم يوعَّ أفراد المجتمع، فمسؤولية المحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث، وإن كانت تقع في إطار التخصص الوظيفي على الأجهزة والمؤسسات الحكومية العاملة في هذا المجال، إلا أنها مسؤولية عامة مشتركة بين جميع أفراد المجتمع منتجين وتجاراً ومستهلكين. وعلى المستوى الصناعي والتجاري فإن المصنعين والتجار مطالبون بتغيير استراتيجياتهم والتوجه إلى صناعات بديلة أقل ضرراً بالبيئة، مثل صناعة الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل أو الأكياس الورقية والقماشية وغيرها، كما أنهم مطالبون بوضع علامات مميزة على الأكياس البلاستيكية مثل عبارة (غير قابل للتحلل)، وذلك لأخذها بالحسبان، سواء من المستهلك عند التسوق أم من الأجهزة الخدمية لدى التخلص منها، كما أن الشركات والمحلات التجارية مطالبة بتغيير أساليبها الحالية في التعامل مع الأكياس البلاستيكية بعدم الإسراف في استعمالها أو اعتبارها وسيلة للدعاية لمنتجاتهم، وهم مطالبون بطرح بدائل للأكياس البلاستيكية كالأكياس الورقية أو القماشية في محلاتهم، كي يتمكن المستهلك من الاختيار بينها وبين الأكياس البلاستيكية.

أما بالنسبة إلى المستهلكين، فإنه يقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في المحافظة على البيئة التي يعيشون فيها، لأن أي ضرر بالبيئة يعود بالضرر عليهم وعلى أجيالهم القادمة، لذلك فالمستهلكون مطالبون أكثر من غيرهم بالترشيد في استخدام الأكياس البلاستيكية واستعمال البدائل المتوفرة سواء أكانت ورقية أم من قماش أم الخيش، لقضاء حاجاتهم للتسوق والتخزين وغيرها من الاستعمالات اليومية، كما أنهم مطالبون بإعادة استعمال أكياس التسوق لأغراض التخزين وجمع النفايات وغيرها من الاستعمالات المفيدة، هذا إضافة إلى التخلص السليم من الأكياس البلاستيكية وعدم رميها عشوائياً في الوسط المحيط كالحدائق العامة والمتنزهات والشواطئ والطرقات، مما يؤثر على المظهر العام للمدينة، ويضر بالحياة البرية والبحرية.

[Hind ahmad]

معلومات هامة
شكراً

[احمد الشريف]

دقيقة خضراء - الحلقة الأولى- الأكياس البلاستيكية


http://www.youtube.com/watch?v=JR77pTkmT3E



البلاستيك العنيد - موقع علوم العرب


http://www.youtube.com/watch?v=NIYpU-893rQ



البلاستيك عدو او صديق | الجزيرة الوثائقية


http://www.youtube.com/watch?v=f1W5yFhxcP8



وثائقي | سيطرة البلاستيك


http://www.youtube.com/watch?v=tQkYhV4FLiU